أقلام وأراء

أبرتهايد “العروب”

بقلم: د. رمزي عودة

توشك حكومة الاحتلال الإسرائيلي على الانتهاء من تنفيذ مخطط الأبرتهايد في منطقة العروب جنوب الضفة الغربية المحتلة، بحيث يتم بناء الشوارع الالتفافية لتشمل أجزاءً واسعة من بيت أمر وحلحول والخليل، وتتصل بطريق بئر السبع في الداخل المحتل. ويمثل هذا المشروع حالة نموذجية للأبرتهايد الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، بسبب خطورته على الأمن القومي الفلسطيني أولاً، وبسبب أهدافه التوسعية الاحلالية ثانيا. وفي النتيجة، فإن هذا النموذج وفقاً لمركز مراقبة الأنشطة الاستعمارية الصهيونية،  يعتمد تنفيذه على الآتي:

– مصادرة آلاف الدونمات من الفلسطينيين، حيث تمت مصادرة 740 دونماً من أراضي بيت أمر، و530 دونما من أراضي حلحول، في حين تبلغ مساحات المنطقة المحظور البناء عليها 707 دونمات. وجميع هذه الأراضي المصادرة هي أملاك فلاحين فلسطينيين، أو أراضٍ “ميرية” عامة محتلة يجب عدم مصادرة ملكيتها تبعا لاتفاقيات جنيف.

– عزل ثلاثة تجمعات فلسطينية عن محيطها الفلسطيني، وأهم هذه التجمعات مخيم العروب، وقرية بيت أمر، وقرية حلحول. وفي حالة بيت أمر، فإنه سيتم إغلاقها من ثلاث جهات رئيسية بحيث تفقد 50% من مساحتها.

– تجريف مئات الدونمات الزراعية بما يقضي على زراعة الأشجار المثمرة، خاصة العنب واللوزيات في هذه المنطقة، وسيتم إغلاق أكثر من 11 طريقاً زراعياً يستخدمه المزارعون الفلسطينيون، وهو الأمر الذي سيلحق الضرر بالمزارع الفلسطيني الذي ستُسلب أرضه.

– إلحاق الضرر بالبنية التعليمية في المنطقة، حيث سيلتهم مساحات من أراضي كلية العروب الزراعية، ويلحق الضرر بالأشتال والأشجار في هذه المساحات المعدة للتجارب والبحوث الزراعية.

– إلحاق الضرر بالبنية الرياضية في المنطقة والمتمثلة بالملعب الرياضي المقام في الجهة الغربية.

– هدم منازل المواطنين في مخيم العروب، خاصة في الجهة الغربية من المخيم.  

وفي هذا السياق، يمكن لنا تصور أهم عناصر نموذج الأبرتهايد المطبق في العروب، والذي يشتمل على العناصرالأربعة التالية:

– نموذج فصل عنصري يقوم على العزل والإقصاء وتضييق المساحات على الفلسطينيين في شتى المجالات التنموية والتعليمية والرياضية، مقابل توفير الأمن والخدمات كافة للمستوطنين.

– نموذج إحلالي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين المقيمين في المنطقة مقابل جلب أكثر من نصف مليون مستوطن في جنوب الضفة خلال الأعوام العشرة المقبلة.

– نموذج ضم، يقوم على ضم مناطق المستوطنين إلى الداخل المحتل لخلق وقائع ديموغرافية جديدة تغلق الباب أمام حل الدولتين وتفرض واقعاً أبرتهايدياً على الشعب الفلسطيني.

– نموذج أمني يهدف إلى إعادة تموضع ميليشيا المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي في مدن الضفة بهدف إطباق الحصار والسيطرة الأمنية على المناطق الفلسطينية المحتلة. 

من التحليل السابق، نجد أن مشروع العروب سيمثل تحدياً خطيراً على مشروعنا الوطني، وليس بمقدورنا أن ننتظر حتى ينتهي العمل بالمشروع؛ لأنه لا يمكننا التأثير حينها. وبالضرورة، فإن تركيز المقاومة الشعبية لإفشال هذا المخطط يعتبر من أولويات العمل النضالي الفلسطيني في هذه الفترة، كما أن تركيز البرامج الحكومية والأهلية على تعزيز صمود الأهالي في هذه المنطقة يجب أن يعتبر من الأولويات الأساسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى