دراسات و وثائق

رسائل من تحت القصف في غزة: “ما زلنا على قيد الحياة”

أصبحت الرسائل القصيرة والاتصالات الصعبة وسيلة لمواطني قطاع غزة للتواصل صباح كل يوم مع أقارب لهم في مختلف أصقاع الأرض، لطمأنتهم أنهم ما زالوا على قيد الحياة، تحت قصف الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على القطاع.

وفي حصيلة غير نهائية، أعلنت وزارة الصحة، اليوم عن ارتفاع عدد الشهداء إلى 4137، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على شعبنا في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، قالت في تقرير لها اليوم، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت ما لا يقل عن 1661 طفلا، في الفترة ذاتها، أي بمعدل 120 طفلا يوميا.

وتفرض إسرائيل منذ عام 2007 حصارا على قطاع غزة، إلا أن حكومة الاحتلال أعلنت بعد يومين من اندلاع العدوان الاخير، فرض “حصار كامل” يشمل قطع إمدادات المياه والكهرباء ومنع إدخال الوقود، ما تسبب بانقطاعات واسعة في الاتصالات مع القطاع الذي بات غارقا في الظلام.

على رغم ذلك، يسعى كثيرون من المواطنين في القطاع الى طمأنة أقاربهم وأصدقائهم خارجه، ومواصلة نقل صورة ما يجري.

ويقول محمود شلبي المسؤول في جمعية “العون الطبي للفلسطينيين” البريطانية في رسالة لزملائه “أسجّل هذه الرسالة التي قد تكون الأخيرة، على رغم أنني آمل ألا تكون كذلك”.

ويروي من مدينة بيت لاهيا في شمال القطاع، يومياته على إيقاع “القصف الذي يطال الجميع”، مشددا على أنه “لن أترك منزلي… سأموت واقفا، مجرد وجودي على هذه الأرض هو فعل مقاومة”.

وتعكس الرسائل التي يبعث بها اهالي غزة الى أقاربهم وأصدقائهم، وتلك المنشورة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حال المعاناة.

ويروى وليد، وهو غزّي يقيم في باريس، لوكالة “فرانس برس” أنه دائما ما يعمد إلى مقاطعة محدثيه “عندما يبدأون بقول عبارة “اذا حصل لنا أي مكروه، اعتنِ بنفسك”.

ولا يتمكن الشاب الذي طلب عدم كشف اسمه الكامل، من التواصل مع ذويه بشكل يومي نظرا لضعف شبكات الاتصال.

ويوضح “أتصل أحيانا عشر مرات على التوالي بدون رد، وأحيانا تصلني رسالة من اليوم السابق، وأحيانا ينقطع الاتصال بعد 30 ثانية فقط”.

وفي ظل شبه استحالة الاتصال عبر شبكة الهاتف النقال، يعتمد أهالي القطاع وأقاربهم على الخطوط الهاتفية الثابتة وهي قليلة، أو الاتصال عبر الانترنت وهو ما بات نادرا بسبب انقطاع التيار الكهربائي. ولجأ البعض الى استخدام مولّدات تحتاج الى وقود بات شحيحا أو حتى بطاريات المركبات.

وتوضح هبة جمّال، الغزّيّة المقيمة في مدينة ماينهايم الألمانية، أن “عائلتي باتت تعتمد على الزيوت النباتية لتشغيل المولدات لإعادة شحن الهواتف”.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، أدى القصف الإسرائيلي الى قطع اثنين من الخطوط الثلاثة الرئيسية للاتصالات النقالة وشبكة الانترنت في قطاع غزة.

وأكدت جمال أنها بالكاد تستطيع التواصل مع عائلتها، ولم تتمكن خلال الأيام المنصرمة من الحصول على أي معلومات بشأن بعض أفراد عائلة زوجها. أما أولئك الذين تتمكن من التواصل معهم، فينقلون صعوبة ظروفهم اليومية.

وتتحدث عن حوار كالآتي “قصفوا اليوم منطقتكم في خان يونس، هل الجميع بخير؟”، أتى الجواب “لم يُقصف منزلنا، الحمد الله، ما زلنا على قيد الحياة”.

ومن منطقة هوت سافوا الفرنسية، يحاول وفا عليوه الاتصال بذويه الستينيين في قطاع غزة على مدار الوقت، أملا في أن ينجح الاتصال مرة واحدة على الأقل.

واذ يؤكد أنه يخشى سؤالهما عما يأكلانه في ظل شحّ المواد الغذائية، يشدد على أن “الناس يعانون الصدمة”.

ويواجه الصحفيون المحليون الصعوبات نفسها لاهالي قطاع غزة، ويتعذّر على أي صحفي أجنبي حاليا دخول القطاع.

نزحت الصحفية والكاتبة جميلة توفيق (26 عاما) وعائلتها الى خان يونس.

وتقول “نحن منفصلون تماما”، موضحة أن ذويها يسألون شقيقها المقيم خارج غزة عن ردود فعل الدول العربية حيال الحرب أو عدد القتلى في القطاع.

وتؤكد أن تلقي “أي معلومات بشأن الآخرين” في قطاع غزة بات يحصل “من طريق الصدفة” فقط.

ومن مركز الإيواء الموقت حيث باتت تقيم مع أفراد عائلتها، تضطر توفيق للمشي أكثر من عشر دقائق لبلوغ مكان يتوافر فيه اتصال بالهاتف النقال.

على رغم مشقة ذلك وخطر التعرض للقصف، تؤكد توفيق أن نقل صورة ما يحصل يعنيها مباشرة و”هو مسؤولية مهمة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى