أقلام وأراء

الأردن والأقصى ودبلوماسية الوضع القائم في القدس

بقلم: د. دلال صائب عريقات

ما حصل الاسبوع الماضي مع اللورد أحمد الذي جاء بزيارة رسمية وكان برفقة وفد من القنصلية البريطانية العامة في القدس من توقيفه ومنعه من دخول المسجد الأقصى من قبل جنود شرطة الاحتلال على مداخل الحرم الرئيسية، وتكرار هذا المنع بعد أيام مع السفير الاردني يمكن تفسيره ببساطة ان دولة الاحتلال تكرس فرض وجودها وترسل رسالة انها على ارض الواقع هي صانعة القرار، وهي حافظة الأمن وترسخ فكرة ان شرطة الاحتلال هي المسؤولة عن تطبيق القانون في الحرم القدسي وضمان الامن العام فيه.


فيما يخص الأقصى والزيارات بالتحديد تدعي دولة الاحتلال انها تحترم الوضع القائم للمدينة كما تؤكد على ضرورة تنسيق الاوقاف الإسلامية التابعة للمملكة الأردنية مع الجهات الاسرائيلية قبل الزيارات!! أما الأوقاف الأردنية ردت بأن التنسيق يكون للأجانب فقط وليس للمسلمين! وهذا ما حصل مع وفد الاتحاد الأوروبي الذي نسق للزيارة بيسر مقابل عدم البلبلة الإعلامية من قبل مكتب الاتحاد الأوروبي.

استنادا لقرارات الشرعية الدولية, القدس الشرقية أرض محتلة، السيادةُ فيها للفلسطينيين، والوصايةُ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية، يتولّاها ملك المملكة الأردنية الهاشمية جلالة الملك عبدالله الثاني، ومسؤوليةُ حماية المدينة مسؤوليةٌ دولية وفقاً لالتزامات الدول بحسب القانون الدولي والقرارات الدولية. القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهي تخضع لأحكام القانون الدولي المتعلّقة بالأراضي الواقعة تحت الاحتلال، مستنداً في ذلك إلى قرارات الشرعية الدولية، ومن بينها قرار مجلس الأمن 478 الذي ينص على أن قرار إسرائيل بضم القدس الشرقية وإعلانها عاصمةً موحدة قرارٌ باطل.


من الجدير ذكره انه حين أُعلن قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية في عام 1988، استثنى القرار مدينةَ القدس كي لا تقع في الفراغ أو يتسلّل لها الاحتلال. وواصلت المملكة وقيادتها الهاشمية رعاية مقدسات المدينة، والدفاع عنها، وتقديم ما يلزم من دعم لأبنائها.


وفي 31 آذار 2013، وقّع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقاً تاريخياً في عمّان، أُعيد التأكيد فيه على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وأنّ جلالة الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.


وتقوم المملكة بإجراءات متنوعة لحماية المقدسات والوقفيات وتعزيز صمود المقدسيين في أرضهم ودعمهم وإسنادهم، من خلال أشكال دعم مباشرة من بينها المتابعة اليومية للتطورات والأحداث في المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، من أجل ضمان الحفاظ على الوضع القائم القانوني والتاريخي، ومنع الانتهاكات الإسرائيلية، وحماية دور دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك، الأردن تتمتع بالسلطة الوطنية الحصرية المسؤولة عن إدارة المسجد والإشراف على شؤونه كافة.


كما تتابع الأردن ما يتعلق بالكنائس في القدس، وتعمل على منع وقوع الانتهاكات على الكنائس، وتقديم الدعم والإسناد للمسيحيين، وتمكينهم من الإشراف على كنائسهم وعقاراتهم وفقاً للوضع القائم التاريخي، علماً أن الكنيسة الأرثوذكسية تتبع القانون الأردني. وتتابع المملكة أيضاً جميع التطورات على الأرض لمنع الانتهاكات الإسرائيلية في البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى، تلك التي تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). واجب الجانب الإسرائيلي ضرورة احترام الدور الأردني في رعاية المقدسات الإسلامية في القدس، والذي اعترفت به معاهدة السلام بين البلدين في المادة (9) منها والتي نصت على: “تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن”.


وفي إطار الجهود الأردنية لحماية القدس، تم إدراج البلدة القديمة في القدس على لائحة التراث العالمي لدى “اليونسكو” 1981، كما أُدرجت البلدة القديمة على لائحة التراث العالمي المهدَّد بالخطر 1982، وذلك للضغط على دولة الاحتلال لمنع تغيير المعالم التاريخية والتراثية للقدس. وكان للدبلوماسية الأردنية دور مهم في إصدار العديد من القرارات الدولية الخاصة بالقدس مثل استصدار بيان من مجلس الأمن الدولي 18 أيلول 2015، ثبَّت تسمية الحرم الشريف، ودعا إلى الحفاظ على وضعه التاريخي القائم، وإلى الاحترام الكامل لقدسيته. وأشار لأهمية الدور الخاص للأردن وفق معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.


من الواضح ان دولة الاحتلال تؤسس لمرحلة جديدة من فرض الأمر الواقع وتتخذ اجراء جديدا يضمن تقديم كتاب رسمي عند كل زيارة للأقصى. نذكر أن الوزير المتطرف بن غفير اقتحم الاقصى مؤخراً وجاءت ردة الفعل الاممية قوية بانعقاد مجلس الامن الدولي وتأكيد غالبية الدول على المستوى العربي والعالمي على أهمية الحفاظ على الوضع الراهن بالأقصى وعلى الوصاية الأردنية الهاشمية عليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى