أربعة محتجزين مقابل قتل 274 فلسطينيا
بقلم: باسم برهوم
لا يمكن تبرير جريمة إسرائيل في مخيم النصيرات. وما جرى يثبت مرة أخرى ان الايديولوجيا العنصرية هي المتحكم بشكل كامل في عقلية وقرارات الطبقة السياسية في إسرائيل، وخاصة اليمين المتطرف الذي يحكم الان. ومعروف ان نتنياهو وإسرائيل بشكل عام كانت بحاجة الىعملية سوبرمانية لتستعيد من خلالها سمعتها باعتبارها دولة استخبارتية من الطراز الرفيع، وأن السابع من أكتوبر كان استثناء. اما بالنسبة لنتنياهو فالعملية مهمة له ليبرر إطالة الحرب وإطالة وجوده بالحكم. وفي نظرة الى ردود الفعل العالمية، فانها كانت تثير القلق فعلا من زاوية ان الولايات المتحدة وعدداً من الدول الاوروبية لم تر سوى ان إسرائيل نجحت في انقاذ محتجزيها ولم يروا المجزرة الرهيبة التي راح ضحيتها 274 شهيدا فلسطينيا واكثر من 700 جريح، بالإضافة إلى تدمير احياء كاملة في المخيم.
ولكن لماذا نستغرب، الم يكن هذا هو حالنا من أكثر مائة عام، لان المشروع الصهيوني الاستعماري لا يرى وجودنا لإعادة بناء إسرائيل القديمة، ولكن السؤال لماذا نترك غزة تدمر ويباد أهلها ونتركها تتحول الى منطقة غير قابلة للحياة؟هل من الضروري ان يحصل كل ذلك وحماس لا تزال تراوغ في قضية التبادل وما الهدف؟بعد قرار مجلس الامن اصبح من الممكن ان تنهي حماسمراوغتها وأن يكون همها مصالح الشعب الفلسطيني وليس مصالحها، وان توقف اصرارها على استمرارالانقسام، وإذا كانت الحجة تبييض السجون فهذا ايضا مطلب تكلفته مزيد من القتل والدمار، خصوصا ان حماسلا تربط بين انتهاء الحرب واي هدف وطني، فلم نسمعها لمرة واحدة تربط الحرب بمسألة الدولة الفلسطينية، او ربط نهاية الحرب بوقف الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة او حتى في المسجد الأقصى الذي حملت بعملية”الطوفان” اسمه، كل ما تطلبه حماس هو ان يعود الوضع كما كان عليه الحال في السادس من أكتوبر، اي ان تبقى سلطتها والانقسام.
الطريق المختصر هو ان تضع حماس يدها بيد القيادة الفلسطينية الشرعية للشعب الفلسطيني وان تنضم لمنظمة التحرير، هذا الطريقوحده الذي يمكن أن يبقي حماس في المشهدفي ظل الظروف الراهنة، على حماس ان تراجع كل مسيرتها الانشقاقية، فهذه المسيرة كلفت الشعب الفلسطيني اثمانا باهضة، فكل المعارك التي خاضتها منذ ان استولت على السلطة في قطاع غزة عام 2007، كلفت الشعب الفلسطيني اكثر من 60 الف شهيد واكثر من ربع مليون جريح، منهم عشرات الالاف اصبحوا من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى عشرات المليارات من الدولارات كان بالامكان ان ينهض بها الشعب الفلسطيني في القطاعات المختلفة، والمشكلة ان كل ماترجوه حماس هو ان تنسحب إسرائيل من قطاع غزة الذي كان محررا.
في المقابل هذا لا يعفي منظمة التحرير الفلسطينية من مسؤولياتها، خصوصا بما يتعلق بتفعيل دورها، وان تكون فعلا قادرة على استقطاب الكل الفلسطيني وان تكون هي الاكثر تأثيرا عليه، لان البديل ان يعبث القاصي والداني في وعي الشعب الفلسطيني وذاكرته الوطنية. ويسهل بعد ذلك سلبه قراره الوطني المستقل. وان اخطر ما في المشهد ان نصل الى لحظة تخرج فيها مجموعة ممولة بالكامل من دولة الغاز والنفط كي تقدم نفسها انها هي البديل وانها من يمثل الشعب الفلسطيني.
في مواجهة مثل هكذا ظاهرة لا يكفي ان نقول مصطلحات مثل، ” مصيرها الفشل كسابقاتها ” او ” لن تمر المؤامرة “، صحيح ان المحاولات السابقة قد فشلت، وان مشروع دعم حماس لتكون البديل فشل، ربما لذلك اخرجوا كرت ” المفكر العربي “عضو الكنيست الإسرائيلي السابق، الذي له باع طويل بتخريب النخب الفلسطينية والعربية، واليوم مع هذه النخب الذين تفوح منهم رائحة مال الغاز ليستخدموهم في هذه اللحظة التاريخية. ولكن هذا لا يعفي المنظمة ان عليهاواجبات يجب ان تقوم بها.