أقلام وأراء

فتح رؤية وموقف

بقلم: د. باسم خضر التميمي

إن المتتبع للبيانات الصادرة عن حركة فتح أو عن اجتماعات لجنتها المركزية أو التصريحات والبيانات الصادرة عن رئيس الحركة يستطيع أن يتلمس بشكل واضح مواقف الحركة تجاه العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر الأخير على قطاع غزة وعلى كافة أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، كما يمكنه قراءة الملامح العامة لرؤية الحركة لمرحلة ما بعد وقف العدوان الإسرائيلي (ما يسمى باليوم التالي للحرب).

حددت حركة فتح عبر بياناتها الرسمية وتصريحات رئيسها مواقفها بشكل محدد تجاه العدوان الإسرائيلي على كامل أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة، والتي تنطلق من العمل على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة والتجويع التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والعمل بشكل فوري على إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة بما فيها شمال القطاع، وتمكين المؤسسات الإغاثية والمستشفيات من العمل لتقديم الخدمات الضرورية للفلسطينيين وتأمين الإيواء والمساعدات الإغاثية والخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ورعاية صحية وتعليم وصولا إلى إعادة إعمار قطاع غزة، وضمان استمرار المجتمع الدولي في دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” وضرورة توفير الدعم المالي الذي تحتاج إليه للحفاظ على قدرتها على تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين وفق تكليفها الأممي، والعمل على منع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية خارج بلادهم، وضمان عودة النازحين إلى مناطقهم، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، وأن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية، ويقع تحت مسؤوليتها وتحت إدارتها، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات الاحتلال لفصله.

كما تؤكد الحركة على الوقف الفوري لعمليات القتل والاقتحام المستمرة في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف الاعتداءات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ورفض الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقوّض حل الدولتين، وضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية ورفض جميع الممارسات التي تستهدف المساس بهذا الوضع، ورفض استمرار بناء المستعمرات وتوسعتها في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، ورفض الاستيلاء على الأراضي وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم، ورفض حجز أموال الضرائب الفلسطينية وضرورة الإفراج الفوري عنها، ودعم المقاومة الشعبية في مواجهة قوات الاحتلال والمستوطنين، والوقف الفوري لجرائم الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين مع ضرورة تدخل المؤسسات الحقوقية الدولية للقيام بمهامها وتطبيق اتفاقيات جنيف الخاصة بوضع الأسرى، ومنع الجرائم التي ترتكب بحقهم، والعمل على اتخاذ القرارات الواجبة من قبل المجتمع الدولي والقاضية بفرض عقوبات ضد الاحتلال ومقاطعته ومحاكمته لقطع الطريق على مواصلة هذه الجرائم والحرب المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني بالشراكة مع الإدارة الأميركية التي تتحمل المسؤولية عن استمرار هذه الحرب التي تشن على الشعب الفلسطيني من خلال دعمها الأعمى للاحتلال سياسيا وماليا وعسكريا، ومطالبة الأشقاء العرب والأصدقاء بمراجعة علاقاتهم مع دولة الاحتلال وربط استمرارها بوقف حربها المفتوحة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، والعودة لمسار السلام والشرعية الدولية.

إن ما يدور في أروقة السياسة الإسرائيلية والإقليمية والدولية من نقاشات حول ما يسمى باليوم التالي للحرب يتناول العديد من السيناريوهات التي تهدد الوحدة الجغرافية والكيانية الفلسطينية، وعليه فإن رؤية حركة فتح تنطلق من رفضها لكافة المشاريع الأميركية والإسرائيلية المطروحة لما يسمى باليوم التالي للحرب، وترى الحركة أن دولة الاحتلال والولايات المتحدة من خلال هذا الحديث إنما تسعيان إلى تحقيق هدفين رئيسيين، أولهما يتمثل في فصل قطاع غزة من أجل منع إقامة الدولة الفلسطينية، والهدف الآخر يرمي إلى ضرب التمثيل الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وترى الحركة أن هذا الحديث لن يحقق شيئا دون وقف العدوان، وأن الحلول العسكرية والأمنية لن تجلب الأمن والاستقرار لأحد، وأن الشيء الوحيد الممكن تطبيقه هو ما يوافق عليه الشعب الفلسطيني وقيادته ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني صاحبة الولاية على كامل أرض دولة فلسطين بما فيها قطاع غزة الذي يقع تحت مسؤولياتها المباشرة، وأن الحل السياسي الشامل وفق قرارات الشرعية الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني عبر إنهاء الاحتلال ووقف العدوان وزوال الاستيطان وتجسيد قيام دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربيةهو الطريق الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وبشأن إدارة معبر رفح في قطاع غزة تؤكد حركة فتح على الموقف الوطني المنسجم مع الرؤية العربية المشتركة بما يحافظ على الثوابت الفلسطينية، وضرورة تسليم وفتح جميع المعابر مع قطاع غزة للسلطة الوطنية الفلسطينية وفق الاتفاقات الموقعة، بما فيها اتفاق المعابر لعام 2005 ورفض أية أفكار تخالفه، وعلى ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة بما فيه محور صلاح الدين (محور فيلادلفيا) ومفرق الشهداء (محور نتساريم)، وعودة السلطة الوطنية الفلسطينية صاحبة الولاية على قطاع غزة باعتباره جزءا أصيلا من أرض دولة فلسطين.

وترى حركة فتح أن نجاح هذه الرؤية رهينا بضرورة استعادة الوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية في أسرع وقت، مما يمكن من إيقاف العدوان ومجازر الإبادة المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وإن استعادة الوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية يؤدي إلى انتزاع ما يستغله أعداء الشعب الفلسطيني من ذرائع، وذلك من أجل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وصولا إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى