أقلام وأراء

مجزرة الفجر في غزة .. وهذا الذكاء!

بقلم: موفق مطر

اجتمعوا تلبية لنداء رب السلام عند الفجر ليصلوا، فباغتهم شيطان الحرب الاسرائيلي بصواريخه وقنابله، حتى جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية باتوا يسمون ادواتها (ذكية) لكن ما نفع العقل الذي اخترعها وصممها، وغلفها وقدمها بلا حساب لمنظومة همجية القرن الواحد والعشرين (اسرائيل) ؟! أم أن للذكاء لدى المستعمرين العنصريين معيارا مخالفا لمعايير امة الانسان الحضارية، بالأمس وفي طيات تاريخ البشرية كانت الابادة تعني قتل وسفك دماء جميع الواقعين في دائرة الأعداء بدون استثناء، أما اليوم فلم يتغير سوى اطلاق وصف (الذكية) على أدوات الحملات الحربية المدمرة والإبادة الجماعية الدموية، وأزياء المحاربين ورتبهم العسكرية، ومسميات ملوك ووزراء الجريمة والحروب.

فالهمجية تخبو وتندثر في مجتمعات متجانسة متصالحة مع مركباتها، أما المجتمعات التي تسود فيها العنصرية كركن من اركان عقيدتها، وتقدس سفك دماء الآخر (الغويم) أو (الأغيار) فإنها ترهن مصيرها ومستقبلها وحتى وجودها بذكاء اسلحتها، ذلك أنها قد سلمت أمرها لمن اقتلع جذور شجرة العقل الانساني، فباتت جافة، خاوية لا علامة فيها على الرحمة والحكمة والبصيرة، ورؤى الخير والحق والسلام، ونموذج هذا منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصرية الارهابية (اسرائيل) التي يسيطر على مفاصل مجتمعها رأسيا وأفقيا “تلموديون” من الطراز المتطرف، يعتبرون الردع وتدفيع الثمن، والإبادة الجماعية الدموية والمدمرة ذكاء، فيذهبون على صهوة البغي والعدوان والاستكبار الى ما بعد الهمجية البشرية المدونة في كتب التاريخ القديم والحديث، وكأنهم لا يعلمون أن مصير المجتمع الذي يعتد بالذكاء الصاروخي، والحاسوبي، ولا يستقوي بالذكاء الانساني، والحسابات التي تنتهي دائما بانتصار الحق، سيكون كمن يلقي بنفسه خارج مسارات الانسانية المتوازنة بجاذبية العدالة الانسانية كونها القانون الناظم لحركة كواكب الأمم والشعوب الحضارية.

لا يمكن لعاقل يقدس النفس الانسانية، قبول دعاية جيش الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي الارهابي حول استخدام (اسلحة ذكية) ومبرراتها لقصف مراكز تجمع لنازحين مدنيين فلسطينيين مكتظة بالآمنين الأبرياء، كما حدث فجر امس السبت في (مدرسة التابعين) شرق مدينة غزة، فالضحايا المئة الذين تحول معظمهم الى اشلاء، وأجساد محترقة، ومعهم مثلهم تقريبا جرحى ومصابون بينهم نساء وأطفال، برهان قاطع على أن الذكاء رديف الهمجية العنصرية لدى ساسة وجنرالات (اسرائيل)، فهؤلاء يستقوون بأحدث الأسلحة على أبرياء وقفوا بخشوع، يدعون الرحمن ليتم عليهم نعمة السلام، فأين ذكاء استخبارات هذه المنظومة، وأين ذكاء مقرر اطلاق “الصواريخ الذكية” وأين ذكاء رئيس حكومة هذه المنظومة (بنيامين نتنياهو)، فنحن نعلم ومعنا الأحرار في العالم، أن الأحمق الهمجي العنصري المستكبر، المتجرد من قيم الأخلاق الانسانية، هو الذي يمضي بجريمة الابادة الجماعية مستخفا بذكاء آلاف الملايين من أمة الانسان التي تشاهد جرائم منظومته ببث مباشر على المرئيات بكل اللغات .. أما “مجزرة الفجر” في غزة، فإنها تعبير دقيق عن الأزمة الأخلاقية التي يعيشها أدعياء ريادة الذكاء في العالم، أزمة لا نعرف كيف سيتداركونها قبل سن الثمانين من عمر دولة اسرائيل المصطنعة (الهيكل الثالث).. اسرائيل  يتخوف بنيامين نتنياهو بألا تبلغ الثمانين سنة، ونعتقد أن في هذا التخوف الحق ذكاء خارقا، لأن توقعه وتوقع سابقيه من ساسة اسرائيل انهيار مشروعهم الصهيوني حتمي لا يقوى ذكاء في العالم على منعه.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى