أقلام وأراء

ماذا لو كانت حماس فصيلا وطنيا وليس إخوانيا؟!

بقلم: باسم برهوم

لساعات طويلة كنت افكر بهدف الوصل لجواب عن سؤال متى تقتنع حماس بأن طوفانها دمر الشعب الفلسطيني ومقدراته وأن تبادر للإعلان من جانب واحد انها ستوقف الطوفان وتنهي مأساة  الناس ومعاناتهم، خصوصا ان محور المقاومة فشل في تغيير المسار؟

اصطدم الجواب بأن حماس ليست تنظيما وطنيا فلسطينيا، هي تنظيم يتبع لجماعة الاخوان، وبالتالي تضع مصلحة الجماعة، فوق كل اعتبار، والسؤال ماهي مصلحة الجماعة ومصلحة حماس، التي تقتضي عدم وقف الحرب حتى الان رغم كل ما حصل؟

لنحاول معا التدقيق في مصلحة الجماعة. هل هي تحرير فلسطين من العدو الصهيوني، لنفترض ذلك، ولكن تكتيكيا وبعد ان أظهر الطوفان ان إسرائيل دمرت قطاع غزة وأعادت احتلاله، وان شيئا لن يغير ميزان القوى راهنا، كما أن اي طرف لن يتدخل لنجدة القطاع، فإن هذا من الناحية التكتيكية هزيمة يجب وقفها لأن الاستمرار فيها هو معاناة ومأساة وكارثة للشعب الفلسطيني. فرضية أخرى ان حماس، ونتيجة خطأ في الحسابات، تورطت في حرب وانه يجب دعمها حتى تضمن بقاءها في المشهد. فالسؤال ما ذنب الشعب الفلسطيني، ولماذا يدفع ثمن هذه المراهنات من دمه وممتلكاته ومقدراته؟ ثم هل استمرار هذه المماطلة سينقذ حماس فعلا ام سيزيد من ازمتها؟

ونعود للسؤال ما هي مصلحة الاخوان من إطالة الحرب؟

جماعة الاخوان تعتقد أن الحرب واستمرارها ستعزز من مكانتها في الشارعين العربي والاسلامي، وتعزز وجودها في اوساط الجاليات العربية والاسلامية. والحرب واستمرارها تمكن الجماعة اكثر من نشر افكارها في سياق انها تحارب إسرائيل، وتدافع عن القضية الفلسطينية، ولاحظنا في الاشهر الماضية، منذ اندلاع الحرب، ان رأيا ساد بين اوساط الجماهير العربية، ان الجماعة وفكرها إذا استطاع ان يحرر فلسطين فما المشكلة في ان نتعاطى معه ونساهم بنشره؟

وللتأكيد على ذلك، دعونا نلقي نظرة الى اوساط بعض القوميين والناصريين والعلمانيين واليساريين وتابعنا صفحاتهم الاجتماعية،سنلاحظ ببساطة جنوحهم نحو شعارات الإسلام السياسي وفكره، وان كثيرين منهم جاهروا بأنهم سوف يلعنون بعد اليوم كل من يتناقض مع الإسلام السياسي، لانهم بالفعل اعتمدوا انهم وإيران مخلصو الامة.

اما المصلحة الأهم، التي تشكل ركنا اساسيا من تفكير جماعة الاخوان فهي المال، فالحرب واستمرارها تدر عشرات الملايين من الدولارات لخزائن الاخوان، من كل المسلمين الذين يتعاطون مع مأساة الفلسطينيين في غزة، سواء من أموال الزكاة، او من صناديق التبرعات المنتشرة بالآلاف في المساجد وكتب عليها غزة، والسؤال هنا هل وصل شيء من هذه الاموال للناس في غزة؟

لقد قالها نصر الله في اكثر من خطاب “الم تقو كل حرب حماس وجماعة الاخوان وتيار الإسلام السياسي” في رده على من يتساءل عن إنجازات حربهم مع إسرائيل. ولكن السؤال ما الذي استفاده الشعب الفلسطيني وقضيته؟

بالنظر للواقع الحقيقي وليس ما يحاول الإسلام السياسي وداعميه تسويقه على عقولنا، ماذا حقق الشعب الفلسطيني منذ ان ظهرت حماس ومشروعها الاخواني في المشهد الوطني الفلسطيني وتصدرته في احيان كثرة؟ الواقع يقول فقط الانقسام وفصل قطاع عزة عن الضفة، وإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وصولا إلى إعادة احتلال للقطاع بعد ان انسحبت منه إسرائيل العام 2005. واليوم هي وإسرائيل اي حماس ومحورها، ومن موقع مختلف تنقل الدمار إلى الضفة. ونعود للسؤال ماذا لو كانت حماس تنظيما وطنيا فلسطينيا، ولاؤه لفلسطين وشعبها فقط؟

لو كانت حماس كذلك لما كان اسمها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ولو كانت كذلك لقررت وقف معاناة اهل القطاع وكانت لا تسمح بإعطاء إسرائيل ذرائع بنقل آلتها الحربية المدمرة الى الضفة بعد ان انهت تدمير غزة. وهي تعلم تماما ان ميزان القوى يميل لمصلحة إسرائيل بالكامل وان هذا الواقع لا يستطيع تغييره او ان إيران اصلا غير معنية باي مغامرة تضر بمصالحها.

بالمقابل لنسائل أنفسنا كماستفادت إسرائيل من حروب حماس، تماما كما جماعة الاخوان، مزيد من المال اليهودي في خزائنها، الحروب شكلت فرصة لها لتطور ترسانة اسلحتها وتقوم بتجريبها ميدانيا على الشعب الفلسطيني.

ماذا لو كانت حماس تنظيما وطنيا؟ لكانت اعلنت فورا انتهاء عمليتها طوفان الأقصى، لإنقاذ ما تبقى من القضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى