أقلام وأراء

“شرعية” على أنقاض القانون الدولي

بقلم: موفق مطر

“قبل 7 اكتوبر لم يكن لدينا الشرعية المحلية ولا الدولية لإعادة احتلال قطاع غزة .. فالوضع اختلف الآن ” !! وبهذا الكلام غير المفاجئ لنا، يكون بنيامين نتنياهو رئيس حكومة منظومة الاحتلال الاستعماري العنصرية، قد اعلن الهدف الحقيقي لحملة الابادة الدموية التدميرية على الشعب الفلسطيني وذروتها في قطاع غزة، أما الأخطر القادم على الانسانية فهو نجاح منظومة الصهيونية الدينية (اسرائيل) بنسف ثوابت الشرعية الدولية الأخلاقية والسياسية والقانونية، وإنشاء شرعية جديدة لثلاثي جرائم الحرب: الاحتلال والاستيطان والعنصرية على انقاضها! .. فحماس وساسة وجنرالات طهران منحوه ذريعة، أخرجها بصيغة “شرعية محلية ودولية” !.. وكأن (ثعلب اسرائيل) يجيب على اسئلة الجمهور الاسرائيلي، وأحزاب المعارضة عنده، وكذلك على الادارة الأميركية فيما يخص “اليوم التالي”.

ما زال نتنياهو ومعه ساسة وجنرالات منظومة الاحتلال (اسرائيل) يعملون لاصطناع ذريعة أخرى، تمكنهم من إعادة احتلال ما تبقى من الضفة الغربية، والسيطرة المباشرة على المراكز العصبية لمدنها وبلداتها وقراها كافة، وإلغاء التقسيمات (أ.ب.ج) التي نصت عليها الاتفاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية، ووسيلتهم لذلك تضخيم النفوذ الايراني في مخيمات الضفة الغربية، وترويج اشاعة عن تهريب اسلحة ومتفجرات وعبوات ووسائل قتالية ايرانية، ويسندون حجتهم على تصريحات قادة الحرس الثوري وساسة ايرانيين، وادعاءات متكررة حول دعم عسكري لجماعات فلسطينية مسلحة منخرطة فيما يسمى “محور المقاومة”.

لا تثير المواقف الأوروبية والأميركية حول “حل الدولتين” مخاوف منظومة الاحتلال  والاستعمار(اسرائيل) فالمراقب لمداخلات هذه  الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وكذلك الصادرة في البيانات والتصريحات اليومية، واثر اللقاءات كمثال، يلاحظ  تغييبا مقصودا لإرادة الشرعية الدولية في فرض الحل السياسي، وإحلال عبارات التعاطف الانساني وطرح بعض المشاريع المندرجة في هذا السياق فقط، كالحاجة لتأمين الدواء والغذاء للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتختتم بتعبيرات انفعالية مستحدثة في قاموس المصطلحات السياسية مثل “القلق” و”التخوف” وغيرها !..

ونعتقد في هذا السياق أن منظومة الاحتلال تستخلص ذات النتيجة التي حصلت عليها في قطاع غزة، وملخصها “قتل وتدمير تحت عنوان استهداف حماس والإرهاب بعمليات مركزة بما لا يثير الرأي العام” وهذا ما حدث ويحدث حتى الآن في مدن ومخيمات جنين وطولكرم ونابلس خصوصا، وفي مدن ومخيمات اخرى في الضفة الغربية عموما، الانتخابات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وحرب اوكرانيا وروسيا على رأس قائمة الاهتمامات والأولويات لدى الساسة والجماهير هناك، ناهيك عن اشغال دول اوروبية بعينها بعمليات ارهابية فردية، بقصد اضعاف التعاطف والتضامن الشعبي مع الحق الفلسطيني ..لكن الأفظع بالنسبة لنا هو تجزئة القضية الفلسطينية والتعامل معها وفق توزيعات جغرافية، فتؤخذ قضية قطاع غزة منفصلة عن القدس ومقدساتها، وعن الاحتلال والاستيطان وإرهاب المستعمرين وعمليات جيش الاحتلال في الضفة الغربية، وهذه التجزئة ستؤدي الى افراغ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحل الدولتين من مضمونها، عبر إشغال العالم بمفاوضات حول صفقة لإيقاف اطلاق النار وتبادل، ومفاوضات حول انسحاب أو إعادة انتشار في قطاع غزة، ومصير محور فيلادلفيا، وحول الوضع في جنوب لبنان، وفي هذه الأثناء يتم استكمال عملية تهويد القدس ومقدساتها، ومنع أي تواصل جغرافي بين مدن الضفة الغربية بإنشاء مشروع (A1 ) الاستعماري، أي تدمير مقومات دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا في الضفة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى