أقلام وأراء

اليوم التالي برؤية الدولة فقط

بقلم: موفق مطر

نرى بدقة العاملين على تشويه صورة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وكذلك صورة قياداتها المخلصة الصادقة الحكيمة، الذين يستحضرون الى المشاهد الاعلامية المصممة في غرف اركان أجهزة استخبارات منظومة الاحتلال، وخلاصة تفوهاتهم المشؤومة، هي إظهار الحوارات والنقاشات والمباحثات بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس وكأنها مفاوضات على (الحصة الأكبر من سلطة الحكم في غزة ! بينما هي في الحقيقة محاولات بلا يأس من قيادة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، لإقناع قيادات حماس، بضرورة اخذ مصالح الشعب الفلسطيني العليا فوق كل اعتبار، وعدم منح منظومة الاحتلال ذرائعا جديدة لتبرير الاستمرار بحملة الابادة الدموية التدميرية المتصاعدة، وأن اليوم التالي يجب أن يكون فلسطينيا وطنيا شرعيا رسميا معترف به من دول العالم كافة، لا تعارضه حتى اللحظة إلا دولة الاحتلال والإبادة ( اسرائيل )، وأن منطق الدولة لا يسمح بأخذ مصير الشعب والوطن وفق اجندات حزبية، وأن أي اغتصاب لدور الدولة والشرعيات الوطنية، يعود بالفائدة على منظومة الاحتلال اسرائيل،  وعلى قادة حماس العلم أن دول العالم  قدر حسمت امرها، بألا تتعامل إلا مع دولة فلسطين، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لذا فإن اللحظة التاريخية تتطلب نكرانا للذات الفئوية الحزبية، والتطلع لحفظ دماء وأرواح وكرامات اكثر من مليوني مواطن فلسطيني في قطاع غزة، يعيشون مآسي ومعاناة نكبة غير مسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني! بشهادة منظمات أممية وحقوقية عالمية ..وأن اليوم التالي سيكون جزءا لا يتجزأ من قرارات دولية، ستفضي جميعها  الى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، القاضية باستقلال دولة فلسطين باعتباره هدفا وطنيا، بات محل اجماع فلسطيني،  وأن حماس قد تعهدت ” بألا تعارض دولة فلسطينية مستقلة إذا قامت على حدود الرابع من حزيران سنة 1967.

مازالت ذاكرتنا تحفظ: أن فصل قطاع غزة عن دولة فلسطين، ومنع قيام دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967، كان الهدف الرئيس لمنظومة الاحتلال ( اسرائيل ) التي عمدت الى ليس غض الطرف عن انقلاب حماس سنة 2007 وحسب، بل بتمهيد السبل عبر اجهزتها الأمنية الرسمية لإيصال الأموال تحت اشراف رسمي من اعلى مستوى في حكومة بنيامين نتنياهو، الذي قال يوما ردا على انتقادات من قيادات وكوادر في حزب ( الليكود ) الذي يرأسه:” من يريد رؤية دولة فلسطينية في الضفة وغزة والقدس، عليه ألا يسألني لماذا نسمح بوصول الأموال بالحقائب وغيرها الى حماس في غزة ”  وليس غريبا أن الأموال التي تحدث عنها نتنياهو هي ذاتها التي يقولون اليوم أن حماس صرفتها على انشاء الأنفاق وتصنيع قذائف صاروخية وغيرها !! .

أما الان وبعد انتهاء صلاحية خدمات جماعة الاخوان المسلمين في كل البلاد العربية، تقرر – حسب الأهداف الثابتة حتى اللحظة لدى حكومة الصهيونية الدينية – ضرب قدرات حماس التي بنيت تحت عين وبصر الشاباك والموساد والاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، وإنشاء بديل يتولى مهمة اليوم التالي، دون المساس بأهداف حملة الابادة الدموية التدميرية وذروتها في قطاع غزة، التي كان ذريعتها السابع من اكتوبر 2023، وأول هذه الأهداف منع قيام دولة فلسطينية  حسب القرار الأممي 19/ 67 الصادر عام 2012 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتوازي نسف جوهر الحق الفلسطيني ( قضية اللاجئين  الفلسطينيين ) ثم تنفيذ مخطط  اعادة تشكيل الاحتلال والاستعمار الاستيطاني في كل فلسطين التاريخية والطبيعية، وفي اراض دول عربية مجاورة ! ما يسهل عملية التهجير القسري للشعب الفلسطيني، وتحقيق هدف الوطن البديل على حساب المملكة الاردنية الهاشمية، وفرض امر واقع على بلاد عربية ومنها مصر العربية، وبذلك يتم القضاء – حسب خططهم وتقديراتهم – على اية امكانية لقيام دولة فلسطينية!هذا على صعيد مقومات قيام الدولة، أما الهدف الرئيس على صعيد الانسان الفلسطيني، فهو نسف مقومات الشخصية الوطنية على المستويين الفردي والجمعي، وتفريغها من الانتماء الوطني، وتجفيف وتبخير الأمل بالتحرر والحرية والاستقلال  .

لن يكون اليوم التالي إلا فلسطينيا وطنيا، فقط سقطت المشاريع الفئوية المرتبطة بأجندات دول وقوى خارجية، وأصحابها بياقات  ولم يبق على وجه ارض فلسطين إلا المشروع الوطني المحفوظ في عقول وإرادة الوطنيين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى