يعالون يؤكد التطهير العرقي
بقلم: عمر حلمي الغول
موشيه يعلون، وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق 2013- 2016 بق البحصة، وأعلن في مقابلة مع قناة “كان” الإسرائيلية يوم السبت 30 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، إن دولته تقوم بتنفيذ “تطهير عرقي” في قطاع غزة. وأشار الى وجود خطط إسرائيلية تهدف الى طرد السكان الفلسطينيين من شمال قطاع غزة، وإقامة مستوطنات إسرائيلية هناك، في عملية إبادة وأجلاء واحلال واضحة ومكشوفة، وأكد انه يتحدث نيابة عن قادة عسكريين إسرائيليين يعملون في شمال غزة، الذين أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء الوضع الحالي. وأضاف إن هؤلاء القادة “يتعرضون لمواقف تهدد حياتهم، ويواجهون معضلات أخلاقية.” وتابع أنهم قد يواجهون اتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية. وعزز قوله بالقول، ان إسرائيل ترتكب جرائم حرب في قطاع غزة. بالتالي ما جاء على لسانه ليس ردة فعل متسرعة، انما استند الى معطيات وأقوال موثقة لديه من قادة عسكريين كبار في الجيش متواجدين في شمال القطاع.
وعلى إثر هذه التصريحات الصادمة للمستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي. لا سيما وأنها تأتي على لسان مسؤول رفيع المستوى، وكان قائدا للجيش الإسرائيلي، وبعد إصدار محكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، ووزير حربه السابق، يوآف غالانت، ثارت ردود فعل غاضبة من حزب الليكود العمود الفقري للائتلاف الحاكم، الذي وصفها بانها “أكاذيب خبيثة”.
ولتأكيد ما ذكره يعلون، كان وزير ما يسمى “الأمن القومي”، إتيمار بن غفير صرح يوم أول أمس الاحد الأول من شهر كانون أول/ ديسمبر الحالي جدد الدعوة لتهجير الفلسطينيين من غزة، مشيرا الى أن هناك “فرصة تاريخية” لتشجيع ما وصفها “الهجرة الطوعية”، في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي. وأكد بن غفير أنه يعمل على تعزيز خطة التهجير بالتعاون مع نتنياهو، معتبرا أن “الظروف مؤاتية لدفع سكان قطاع غزة نحو الهجرة الطوعية، وهناك انفتاحا على الفكرة.” كما دعا أعضاء من اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية مرارا وتكرارا الى عودة المستوطنين الى غزة.
ورفض وزير الحرب ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق بوغي الاعتذار عما ذكره، وأصر على موقفه الذي ادلى به، في مقابلة مع القناة “12” الإسرائيلية يوم الاحد، وأوضح: “ما قلته دقيق فيما يتعلق بما يحدث على الأرض. أضع مرآة للعديد من تصريحات الوزراء وأعضاء في الحكومة الذين يتحدثون عن قطاع نظيف من العرب.” وقال “انا لا أتحدث عن القتل الجماعي فقط.. لدي تعريف آخر هو طرد السكان من منازلهم وتدميرها، كما يحدث في بيت حانون وبيت لاهيا.” ووفقا لما ذكره، فإن تصريحه لم يكن موجها الى الجيش الإسرائيلي، بل الى السياسيين حيث أفاد بأنهم “يدفعون الجيش الى ارتكاب جرائم حرب.. يقوم المستوى السياسي بإجلاء السكان من شمال قطاع غزة، وإعداد النواة الاستيطانية. لكن محاولته الفصل بين المستوى السياسي والعسكري غير دقيقة، وفيها محاولة لتبرئة الجيش من دوره التنفيذي لأخطر إبادة جماعية وتطهير عرقي في العصر الحديث.
وفي تناغم مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء، قال “إن مذكرة الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو ليست بسببي.. وإذا كان لها ما يبررها، فليحكموا عليه.. أعتقد من الناحية الأخلاقية أن بعض الأشياء حدثت، وليست في صالحنا.” وأضاف أن محكمة العدل الدولية في لاهاي “لديها بالفعل قائمة بأسماء عدد غير قليل من الأشخاص بما في ذلك من الجيش، ولم يتم تفعيلها حتى الان.”وتابع داعيا المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات اعتقال بحق كل من “سموتيريش وبن غفير أيضا منذ زمن طويل.”
وفي اعتراف لافت، وهو الاعتراف الأول أكد يعالون على ان “الجيش الإسرائيلي ليس الجيش الأكثر أخلاقية”. واعتبر ان دولته اللقيطة في طريقها الى الديكتاتورية، وأضاف أن “إسرائيل اليوم ليست دولة ديمقراطية، والقضاء ليس مستقلا.” بل هي “دولة ديكتاتورية فاشية مسيحية وعنصرية ومجذومة ومارقة تحمل أفكارا غيبية.”
هذه الاقوال الهامة للوزير الأسبق تعكس واقع حال الدولة الأكثر فاشية في العالم، وليس في الإقليم. لأنها استباحت القوانين والمواثيق والمعاهدات الأممية، وميثاق الأمم المتحدة، الذي مزقه سفير دولة إسرائيل السابق جلعاد اردان من على منبر الجمعية العامة في أيلول / سبتمبر الماضي في تطاول فاضح على اعلى هيئة اممية في العالم. وما لم يقله بوغي، من أن هذا الفجور والغطرسة والاستعلاء على قرارات وقوانين الشرعية الدولية، يعود لسبب أساس واحد، هو وقوف الولايات المتحدة الأميركية خلفها، وتقديم اشكال الدعم العسكرية والسياسية والديبلوماسية والمالية والإعلامية لها.
إن اعتراف يعالون وعلى الملأ عن طبيعة الدولة الإسرائيلية كدولة مارقة وخارجة على القانون يعتبر وثيقة هامة، يجب الاستناد لها لدفع محكمة الجنائية الدولية لإصدار المزيد من مذكرات الاعتقال ضد وزراء ونواب في الكنيست وقادة عسكريين آخرين، وعلى محكمة العدل الدولية أن تبت في القضية التي رفعتها دولة جنوب افريقيا، باعتبار إسرائيل دولة إبادة جماعية، والعمل على عزلها دوليا.