كيف يمكن أن يكون التضامن معنا أكثر فاعلية؟
بقلم: باسم برهوم
إذا نظرنا من زاوية القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة، فإن عدالة القضية الفلسطينية لا يختلف عليها اثنان، لأن تقرير المصير هو حق أساسي لكافة الشعوب. وإذا نظرنا للصرع من الزاوية التاريخية البحتة، بعيدا عن الاساطير، فإنه لم يكن هناك من شعب آخر في المنطقة الجغرافية من نهر الاردن الى البحر الابيض سوى الشعب الفلسطيني، عاش عليها بشكل متواصل لآلاف السنين.
عدالة القضية مسألة مهمة، لكن في عالم لا يفهم سوى لغة القوة، وفيه الدول الكبرى تسعى إلى الهيمنة وتكيل بمكيالين، فإن المطلوب نوع آخر من التضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي وجد نفسه في صراع وجودي، وعدو ذكي لا يؤول الرواية التاريخية وحسب بل وينفي الحق العضوي للفلسطينيين في أرض وطنهم. ومما يجعل الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني أكثر قسوة هو هذا الدعم الذي تلقاه ويتلقاه المشروع الصهيوني، ومن ثم إسرائيل الدولة، فعلى سبيل المثال تلقت الصهيونية في مراحلها الاولى دعم الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، ومن ثم الدولتان اللتان خرجتا منتصرتين من الحرب العالمية الثانية، الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد السوفياتي، دعمتا بقوة إقامة دولة إسرائيل عامي 1947 – 1948، بالمقابل لم يكن يتلقى الشعب الفلسطيني دعم أية دولة كبرى في حينه.
كيف يمكن، والحالة هذه، أن يكون التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني أكثر فاعلية وتأثير؟
قبل الإجابة، لا بد من الاشارة إلى أن الجمعية العامة للامم المتحدة قررت عام 1977 أن يكون يوم 29 تشرين الثاتي/ نوفمبر من كل عام يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وقضيته الوطنية العادلة، واختارت الامم المتحدة هذا التاريخ ( 29 نوفمبر ) لانه نفس اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة قرار تقسيم فلسطين رقم ( 181) عام 1947. ومنذ ذلك الحين، تقوم غالبية الدول، والمؤسسات الدولية والهيئات الشعبية، بتنظيم نشاطات تضامنية مع الشعب الفلسطيني في هذا اليوم.
ولعل سلاح المقاطعة هو أمضى سلاح تضامني، خصوصا إذا كان عملا مكثفا ومتواصلا ويستهدف بشكل خاص الاحتلال، وبالتحديد مقاطعة المستوطنات سياسيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا. ولاحظنا تأثير المقاطعة الأكاديمية كم كان فاعلا في السنوات الاخيرة. هذا النمط من التضامن هو القادر على تغير المعادلة، ولكن بشرط أن يتوسع، وأن تشارك فيه معظم الجامعات في العالم، و أكبر عدد من الاكاديميين.
كما لا يقتصر التضامن مع الشعب الفلسطيني على اليوم الذي أقرته الامم المتحدة، وإنما هو سلسلة من النشاطات والفعاليات على مدار العام، فهناك رزنامة فلسطينية تصلح أن تكون برنامج عمل تضامني لكل الدول، فهناك ذكرى النكبة، 15 أيار من كل عام، ويوم الأرض، 30 آذار ووعد بلفور، 2 تشرين الثاني، ويمكن أن تشكل تواريخ تدمير إسرائيل للقرى والبلدات الفلسطينية في حرب عام 1948 ، فعاليات فكرية حول سياسة التطهير العرقي، بالاضافة الى رزنامة المجازر وجرائم الحرب الإسرائيلية.
ولكن الأهم هو ذلك التضامن الذي يجري على الارض، أن يأتي المتضامنون الى فلسطين والمساهمة في المقاومة الشعبية السلمية، أو أن تنظم زيارات لوفود أجنبية تشاهد الواقع على الأرض، الاستيطان، الحواجز العسكرية، سياسة العقاب الجماعي، هدم المنازل، وان يروا بالملموس نظام الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل في فلسطين.
في المقابل ما المطلوب من جانبنا ليكون التضامن الدولي أكثر نجاعة؟
الى جانب أن نكون موحدين ونمتلك برنامجا نضاليا متفقا عليه يشارك به الجميع، فإن هناك مسؤولية تقع على عاتقنا وهي أن ننشط ونفعل علاقاتنا مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في العالم، والمبادرة في عرض خطة لما قد يكون عليه تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. هناك عالم متغير ويتغير باستمرار، وهناك أجيال جديدة في العالم لا تعرف الكثير عن القضية الفلسطينية، فالاحزاب القديمة التي كانت تتضامن معنا بشكل أوتوماتيكي قد تلاشت أو تراجع دورها، مع ظهور أحزاب جديدة لا نعرف عنها الكثير ولا تربطنا معها علاقات.
بالضرورة أن نعيد النظر بعدد من أساليبنا القديمة في التواصل، وقد نحتاج أن نبادر نحن في تنظيم ندوات عالمية في القارات الخمس نتعرف من خلالها على التطورات ونطلع الآخرين على تطورات قضيتنا. وفي الداخل هناك حاجة ان تنسق الجهود الرسمية مع المجتمع المدني والاستفادة من مستويات العلاقات بأكبر قدر ممكن.
القضية الفلسطينية قضية معقدة، وبالتالي الصراع الذي يدور في إطارها صعب وليس من السهل فهمة من قبل الاطراف البعيدة، بالاضافة الى الماكينة الإعلامية الصهيونية وما لديها من نفوذ في وسائل إعلام العالم وقدرة على التضليل، من هنا لابد أن نطور كل ادواتنا بقدر ما نستطيع…المعركة صعبة لكن النصر فيها يظل ممكنا ، كل ما نحتاجه هو ان نمتلك خطة عمل ونقوم بتنفيذها جيدا.