القتل بسلاح “الوعد”.. جريمة حوارة نموذجا
بقلم: موفق مطر
جريمة جندي جيش الاحتلال العنصري في حوارة قبل ثلاثة أيام صورة أو (لقطة) من مشهد متكامل عاكس لطبيعة المفاهيم الناظمة لعمل المنظومة بوجهيها الأمني والسياسي، فالحقيقة التي لم تعد خافية على أحد، أن الأمر بقتل المواطن الفلسطيني الرافض للخضوع ومنهج الإذلال، صادر سلفا ومهيأ في مخزن ذخيرة سلاح الجندي المعبأ حتى النخاع بالكراهية والأحقاد، حتى فاق باستيعابها وبقدرته على تطبيقها الشرطي والجندي في جيش وأمن منظومة جنوب أفريقيا العنصرية البائدة، فالمنظومتان مصنفتان على أنهما دولتا استيطان وعنصرية، وأن جنودهما ارتكبوا الجريمة بحق المواطنين الأصليين في جنوب أفريقيا وفلسطين، مع فارق بسيط،أن الأول في المنظومة اللامنتهية الصلاحية كان يقتل على أساس التمييز بالعرق ولون البشرة، أما هنا في فلسطين، فإنه يقتل المواطن الفلسطيني بدون تمييز للونه، أو سنه، أو جنسه، وإنما يقتله لتعزيز مبدأ سفك الدماء، وتعميمات الإرهاب والجريمة الهمجية التي اتبعها أجداده، ظنا أن هذا الأسلوب سيجدي نفعا مع أجيال الشعب الفلسطيني منذ ما بعد النكبة سنة 1948 .
الجريمة ليست الأولى، فسابقاتها كثيرات، نفذت بأساليب وأدوات مختلفة، لكن علينا الاستعداد لاحتمال ارتفاع مؤشرها، وقد نشهد تصعيدا يتجاوز كل ما عرف حتى الآن من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مع التأكيد أن الأمر لا يتعلق برقم الضحايا (الشهداء الفلسطينيين)، وإنما بالدوافع الجاهزة لدى الجندي في جيش الاحتلال وكذلك المستوطن، وبسياسة حكومات المنظومة التي على أساسها يمنح الجنرالات جنودهم أوامر القتل المسبقة، فعندما تصبح الحكومة الإسرائيلية عبارة عن ائتلاف أحزاب تتبنى بوضوح وصراحة قتل الفلسطينيين وطردهم من أرض وطنهم، والاستيلاء عليها بقوة الاحتلال لصالح الاستيطان، وتحقير القانون الدولي، وازدراء الشرعية الدولية، وتصبح المهمة الرسمية في (الدولة) أي في حكومة منظومة الاحتلال (إسرائيل) فرصة لتجسيد الإرهاب الديني، وتعطيل دواليب السياسة والحوار مع الآخر، وأخذ الأمور بمنطق التفوق والتمييز (العنصرية) فإن الجيش سيكون جزءا من هذه التركيبة، هذا إن لم يكن العكس – وهو الأرجح – فإن جرائم الجيش بلا حدود، وقدرته على الهروب من نطاق المحاسبة الدولية، تدفع الساسة إلى التنافس في تكريس العدائية المطلقة للقيم الإنسانية التي يجسدها هؤلاء بالجريمة بحق المواطن الفلسطيني البريء.
جريمة الجندي في جيش منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية إسرائيل بحق المواطن الفلسطيني الأعزل عمار حمدي مفلح لا جديد في حيثياتها سوى أنها ارتكبت بعد بضعةأيام من تصريحات وزير حرب ورئيس أركان جيش الاحتلال وملخصها :”سنحمي جنودنا ولن نسمح لأي كان – أو جهة خارجية – بالتحقيق مع جنودنا” في رد قاطع على دعوات أميركية لإدارة الرئيس بايدن بإجراء تحقيق جدي في عملية اغتيال (قتل) الصحفية الفلسطينية الحاملة للجنسية الأميركية أيضا شيرين أبو عاقلة – لروحها السلام – برصاص قناص في وحدة خاصة تابعة لهذا الجيش، فهذا الجندي (المجرم) ما ضغط على زناد مسدسه قاصدا قتل الشاب،إلا وهو في غاية الاطمئنان، بأنه قد يتلقى وساما، أو ثناءً – على الأقل- على جريمته، رغم كل ما فيها من انكشاف فاضح, وسقوط قناع مصمم من مقولة (الجيش الأخلاقي الأول في العالم)، فالشاب الفلسطيني رفض الانصياع للاعتقال والإهانة، انتصر لكرامته بشجاعة وهو أعزل، وتمكن من توجيه لكمة لوجه الجندي ردا على عنف الجندي، الذي فيما يبدو قد استذكر وعد قادته العسكريين بالحماية مهما كانت درجة الجريمة وتصنيفها، وتأكيدات رؤسائهم الساسة المجرمين في الصف الأول من حكومة هذه المنظومة على هذا الوعد، فهنا على أرض فلسطين، يرتكب الغزاة المحتلون الجرائم بدون رادع تحت عنوان (الوعد) ابتداء من الجريمة التاريخية الأكبر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني حينما ابتدعوا مقولات”أرض الميعاد” و “وعد الله للشعب المختار” وحققوها بالإرهاب المسلح والمجازر والتهجير والتشريد، وصولا إلى الوعد بحماية المجرمين وتأمينهم من أي عقاب، لكن المحكمة الجنائية الدولية تنتظر من يطرق بابها، وتحديدا ذوي الشهداء.