خطوة برتغالية جيدة
بقلم: عمر حلمى الغول
خطوة برتغالية جيدة تجاه مصالح الشعب العربي الفلسطيني العليا، بتصويت البرلمان البرتغالي يوم الجمعة الماضي الموافق 21 يوليو الحالي بالأغلبية البرلمانية بالاعتراف بالنكبة الفلسطينية عام 1948، والإشادة بالنضال الوطني للشعب الفلسطيني، وبدعم حقه في تقرير المصير. وهذه الخطوة متقدمة على أقران البرتغال من الأوروبيين. لا سيما أن البرلمان ربط بين الاعتراف بالنكبة وبين جرائم السياسة الاحتلالية الإسرائيلية المتمثلة في التوسع الاستيطاني والضم غير المشروع للأراضي الفلسطينية المحتلة المتناقض مع القوانين الدولية، ورفضها في ذات الوقت خيار السلام الممكن والمقبول، أي حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، وطالب البرلمان الحكومة البرتغالية باتخاذ موقف واضح وصريح في الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني بما تضمنته الأعراف والقوانين الدولية.
وكانت الأحزاب الاشتراكي (PS) والشيوعي (PCP)، وحلف اليسار (BE) صوتت لصالح القرار، في حين صوتت الأحزاب الاشتراكي الديمقراطي (PSD)، وحزب أقصى اليمين ( كفى – CHEGA) ضد القرار. ويعتبر تصويت الأغلبية البرلمانية لصالح الاعتراف بالنكبة تصويبا لخطأ تاريخي تجاه معاناة وولايلات الشعب العربي الفلسطيني، وحافزا للدول الأوروبية الأخرى لتحذو حذو البرتغال، لا سيما أن العديد من البرلمانات الأوروبية صوتت لصالح الاعتراف بالحقوق والدولة الفلسطينية، ولكنها غيبت الإقرار بالنكبة التي حاقت بالشعب منذ 75 عاما خلت، كما أن هذا الإقرار يفسح المجال أمام الحكومة البرتغالية لتعترف بالدولة الفلسطينية.
نعم الخطوة البرتغالية تشكل بادرة إيجابية، وتجاوزا لحالة التعثر والإرباك البرتغالية خصوصا والأوروبية عموما، واختراقا متقدما في سقف سياسة المراوحة، وأرضية صالحة للبناء عليها، وتطويرها في محاكاة واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتشخيصا أعمق لطبيعة الدولة العبرية، من كونها دولة استعمارية لا تلتزم بالقوانين والأعراف والمعاهدات والمواثيق الدولية، وخارجة على القانون بسياساتها وانتهاكاتها وجرائم حربها التي لا تحصى ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وكونها دولة تطهير عرقي، وفي ذات الوقت، تفهما أعمق لكفاح الشعب العربي الفلسطيني، وحاجته الماسة للاستقلال والحرية وتقرير المصير والعودة أسوة بشعوب الأرض.
أضف إلى أن الخطوة البرتغالية تفتح الأفق، إذا ما تمت المراكمة عليها، لتوسيع نطاق الضغط الدولي لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، كمقدمة ضرورية لدعم النضال الوطني السياسي والدبلوماسي والشعبي الفلسطيني، ومساندة توجه القيادة الفلسطينية للارتقاء بمكانة فلسطين في الأمم المتحدة لدولة كاملة العضوية، ودعم مطالباته بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام محكمة الجنائية الدولية، والضغط على دولة الابرتهايد الإسرائيلية لوقف سياسة البطش والعدوان والإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين، ليس هذا فحسب، بل قد يفتح المجال لدعم أي توجه سياسي لفرض عقوبات على دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وغيرها من الخطوات ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومن المهم الآن التقاط الخطوة البرتغالية لتوسيع نطاقها في أوساط الاتحاد الأوروبي كمجموعة، وكدول لإعادة النظر بسياساتها المتعثرة والمرتبكة، كونها لم تتمكن حتى الآن من تجاوز الموقف الرسمي للولايات المتحدة الأميركية، ومطالبة أنصار السلام والعدالة السياسية والاجتماعية والقانونية الأوروبية للضغط على حكوماتها لتتمثل الموقف البرتغالي، والارتقاء بمواقفها في محاكاة الصراع، والابتعاد عن سياسة المغمغة والانحياز الأعمى لإسرائيل وأوكرانيا، وانتهاج سياسة محايدة على الأقل، ودعم الحق السياسي والقانوني للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، ووقف الخطر الإسرائيلي الداهم مع تصاعد حدة ووحشية الفاشية الصهيونية، الذي يهدد الأمن الإقليمي والعالمي، إن لم يتم ضبط إيقاعه، أسوة بما حصل في جنوب أفريقيا.
شكرا للبرتغال على شجاعتها، وعلى حكمة الأحزاب التي دعمت وصوتت لصالح الاعتراف بنكبة الشعب الفلسطيني، حتى لو بعد 75 عاما، والذي يعتبر تصويبا لخطئها التاريخي.