إذا سيطر “الإرهابيون” على مخيم عين الحلوة في لبنان ؟!
بقلم: موفق مطر
سيحقق المتآمرون أهداف قصفهم التمهيدي الذي نشهد تفاصيله في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان الشقيق، في سياق خطة تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، إذا لم يتم استرجاع الأمن والاستقرار للمخيم، بالقبض على الإرهابيين التكفيريين الذين ارتكبوا المجزرة قبل نحو أسبوع من الآن، وتسليمهم لقضاء الدولة اللبنانية، باعتبارها صاحبة السيادة على أراضيها، ولها الحق الحصري بمحاسبة المجرمين، وإذا لم يضع قادة الفصائل الوطنية الفلسطينية وممثلوهم في هيئة العمل الوطني الفلسطيني هذا الأمر على رأس قائمة الأولويات، وإذا لم يعملوا بإخلاص على منع توسع قواعد الإرهابيين المتخفين تحت أسماء جماعات دينية في المخيم، فإن أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية سيصبح القاعدة الأكبر لجماعات (الإرهاب الديني) والتكفيريين، وأكبر ملجأ للمطلوبين لسلطة القانون في الدولة اللبنانية، أما سكانه من اللاجئين الفلسطينيين ويقدرون (بعشرات الآلاف) الذين يعتبرون أنفسهم ضيوفا إلى حين تحقيق هدف العودة، فإنهم سيصبحون رهائن ودروعا بشرية، ونعتقد أن مشهد الموت والدمار الفظيع في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، ومآسي ومعاناة الهجرة الثانية للاجئين الفلسطينيين كمثال وكذلك مخيم النيرب في حلب شمال سوريا ما زال عالقا في ذاكرتنا، فالدماء لم تجف بعد، وركام المنازل وأضرحة الشهداء التي نبشها الإرهابيون، الذين هيأت لهم حماس المرتبطة عضويا بالإخوان المسلمين البيئة للتمركز والتمدد في المخيم ما زالت شاهدا على حجم المؤامرة لتصفية قضية اللاجئين وحقهم المقدس بالعودة والتعويض – وفق قرارات الشرعية الدولية، فحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، والثورة الفلسطينية المعاصرة التي أطلقتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح عام 1965 ما كانت إلا لتجسيد حق العودة باعتباره (جوهر الحق الفلسطيني) والعمود الفقري للقضية الفلسطينية، أما المخيم فإنه سيبقى شاهدا على المؤامرة الدولية الاستعمارية الصهيونية، وبعض النظم الرسمية العربية على الشعب الفلسطيني.. فالأمر أخطر مما يظن قصار النظر، ومثلهم الذين يدركون جيدا أن ضرب حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، يعني قصم العمود الفقري للأمن والاستقرار في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
نعتقد أن الشعب الفلسطيني يعيش لحظة مصيرية تاريخية، ونعتقد بالمقابل أن قيادته الحكيمة الواعية والمدركة جيدا للمؤامرة وأبعادها ستتعامل مع الأحداث في المخيم وفق منظور المؤامرة الشاملة على المشروع الوطني، ويكفينا برهان على ذلك، محاولة فرع جماعة الإخوان المسلمين المسلح في فلسطين المسمى (حماس) لضرب الاستقرار والأمن والسلم الأهلي والمجتمعي في فلسطين المحتلة، وتحديدا في الضفة الفلسطينية، انطلاقا من المخيمات في جنين ونابلس كمثال وليس حصراً- في أسوأ استغلال لشعارات ومبدأ المقاومة الشعبية، هذا بعد سيطرتها بالإرهاب المسلح على مليوني فلسطيني في قطاع غزة ومحاولات رؤوسها المدفوع لهم لتنفيذ أجندات دول في الإقليم لإخضاع المواطن الفلسطيني بأشد أساليب التنكيل والقمع والتجويع، فجماعات الإرهاب والتكفير الإجرامية المولودة من تزاوج الصهيونية الدينية الإرهابية العنصرية، مع جماعة الإخوان المسلمين، هدفها إفراغ شخصية الفلسطيني من مبدأ الانتماء الوطني وتحقيق ذلك بكل الوسائل أولاها الإرهاب وسفك الدماء ! لذلك يمكننا تفسير تركيز هذه الجماعات على الاستيلاء على المخيمات واستدراج الصراعات والحملات المسلحة المدمرة، للانتقام من القواعد الشعبية التي شكلت نقاط انطلاق وارتكاز استراتيجية لحركة التحرر الوطنية والثورة الفلسطينية المعاصرة، ولدفع اللاجئين الفلسطينيين للهروب إلى المجهول، وتحويل المخيمات في نظر العالم إلى بقاع تجمع للجماعات الإرهابية التكفيرية المعلنة والسرية على حد سواء، الأمر الذي سيمنح أطراف المؤامرة من القضاء على المخيمات شكلا كأماكن تجمع للاجئين الفلسطينيين، ومضمونا (وأد حق العودة) إلى الأبد.
نعتقد أن أداء القيادة الفلسطينية واتصالاتها مع رئاسة الحكومة اللبنانية، والجهات الرسمية المختصة، كان ولا يزال انعكاسا لحرص الرئيس أبو مازن على حياة وأمن وسلامة كل لاجئ فلسطيني في المخيمات على الأراضي اللبنانية، بالتوازي وبالتوازن مع مبدأ سيادة الدولة اللبنانية وبقوانينها على أراضيها، وحقها وحقنا كضيوف على ارضها في منع تمركز جماعات الإرهاب والتكفير الإجرامية على أراضيها، وهذا الحرص كما نعتقد انطلاقا من كونه رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وقائدا لحركة تحرره الوطنية، وكونه مناضلا صلبا لتجسيد استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وفوق كل هذا إدراكه العميق، ومعرفته البحثية،عن تفاصيل المؤامرة بأحداثها المثبتة بتجارب عملية وأدلة وشواهد منها تاريخية ومنها حاضرة، نضحي وندفع ثمن التصدي لها يوميا في الوطن والشتات.