الرئيس أبو مازن .. “نحن ساميون”
بقلم: موفق مطر
عرفناه شجاعا، بالحق ناطقا وعرفنا فلسطين الأرض والوطن والحق الأزلي في عقله وقلبه، أما الأشقاء والأصدقاء وحتى الأعداء، فقد خبروه صريحا، لا يبحث عن مكاسب شخصية، ولا عن موضع في سجل الألقاب والمسميات، وإنما يناضل لاستعادة فلسطين التاريخ والحضارة، فلسطين النصر والحرية والاستقلال والسيادة إلى مكانها الطبيعي في مركز خريطة العالم .فمن كان وما زال رمزا للنبل في الكفاح والنضال، ومخلصا في الوفاء لقسمه بالإخلاص لفلسطين، من البديهي أن يبقى هدفا دائما في غرفة أركان رؤوس الدولة الاستعمارية العميقة، ووكلائهم في المنظمة الصهيونية، باعتباره أخطر فلسطيني على “وجود المشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين”.. يتآمرون، ويأمرون أتباعهم للتشويش أحيانا، وزرع ألغام فتنة على مسار نضاله من أجل تحقيق أهداف الثوابت الوطنية الفلسطينية .. وأحدث حملة مبرمجة شهدنا تفاصيلها إثر كلمته في افتتاح الدورة الـ 13 للمجلس الثوري لحركة فتح، وحديثه الموثق بمراجع وأبحاث علمية عن أصل (الأشكناز) أي اليهود الأوروبيين الغربيين، فانهالت عليه الاتهامات بمعاداة السامية، ونكران “المحرقة”! وعندما نقرأ كل نقاط الدائرة، نكتشف الدوافع الحقيقية لهذا الإعصار من التزييف والتحريف والتزوير لحديث الرئيس أبو مازن، ومقاصدهم من اتهامه بمعاداة السامية، فليس صدفة تزامن إعصار الاتهام مع اقتراب موعد مخاطبة العالم من على منبر الأمم المتحدة، لينتزع حق الشعب الفلسطيني بدولة كاملة العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. أما الأبعاد والأهداف الأخطر فنعتقد أنها ضمن تكتيك فرض حصار سياسي على رئيس الشعب الفلسطيني قائد حركة تحرره الوطنية، تمهيدا لجريمة تجفيف سياسي أيضا، ولا نستبعد أن تكون الحملة إرهاصات لشرعنة اغتياله معنويا وجسديا ! كما فعلوا مع القائد الرمز الرئيس أبو عمار لروحه السلام .
كيف يكون الرئيس أبو مازن معاديا للسامية؟! وهو القائل :”نحن ساميون” كيف ينكر “المحرقة “وهو القائل بأنها جريمة بحق الإنسانية، وسجل ذلك في قبل 42 سنة في مقدمة رسالته لنيل شهادة الدكتوراة بعنوان “العلاقة السرية بين النازية والحركة الصهيونية “من معهد الاستشراق في موسكـو عـام 1982، ونشرها فيما بعد بكتاب وهذه فقرة من نصها حرفيا :””ولكن إثارة الجدل حول الرقم اليهودي – في المحرقة – لا يقلل بأي حال من بشاعة الجريمة التي ارتكبت بحقهم. لأن مبدأ قتل الإنسان – مجرد إنسان- هو جريمة لا يمكن أن يقبلها العالم المتحضر ولا يمكن أن تقر بها الإنسانية”.
نعتقد أنهم بحثوا وما زالوا يبحثون ما بين سطور مؤلفات الرئيس، وكذلك في مقاصد ومعاني كل كلمة في خطاباته الصريحة الواضحة غير القابلة للتأويل أو التفسير، ويعلمون قدرته على تعرية المنظمة الصهيونية والكشف عن جريمتها التاريخية في استغلال دماء وآلام الإنسان (المواطن الأوروبي اليهودي) لخدمة أسيادهم المستعمرين الكبار فقد كتب في مقدمة كتابه أيضا: “يبدو أن مصلحة الحركة الصهيونية تضخيم رقم الذين قتلوا في الحرب ليكون مردود المكاسب كبيرا. الأمر الذي دعاها إلى توكيد هذا الرقم وتثبيته في ذهن الرأي العام العالمي ليشعر بمزيد من تأنيب الضمير ومزيد من التعاطف مع الصهيونية بشكل عام “…
لم يبتدع الرئيس أبو مازن المعلومات في كتبه وخطاباته، وإنما نتائج بحثه المنهجي العلمي، وقراءة عميقة لحقائق ووقائع في وثائق تاريخية، واقتباسات من كتب وأبحاث لمفكرين وباحثين من انحاء العالم اختاروا الانتماء للإنسانية بتجرد، ومنهم زعماء أحدثوا تغييرات جوهرية على خريطة العالم الجيوسياسية كما في أدبيات لينين .
إن تعريفنا للواقعية السياسية، يختلف جذريا عن تعريفهم لها، فهم يفسرونها بالاستسلام، بينما هي بالنسبة لنا – كما أرسى قواعدها النظرية القائد خالد الحسن أبو السعيد، لروحه السلام – :”فن الصدق مع الشعب وفن المناورة مع العدو لتحقيق الممكن في إطار العدالة “لذلك لم يتوقعوا حكمة الرئيس أبو مازن وجرأته وشجاعته المستلهمة من إرادة الشعب الفلسطيني، والمبادئ الإنسانية الناظمة لنضاله، لقد خيب ظنونهم بعلمه ومعارفه وبحثه وبحكمته في ضبط قواعد التوازن ما بين الحق الأزلي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين وأساليب وأدوات وسبل انتزاعه … وزاد على ذلك إيمانه المتجسد بعمله لتحقيق مبدأ العدل والمساواة للإنسان بغض النظر عن جنسه وعقيدته وعرقه.. ورفضه القاطع للظلم واستغلال الإنسان وتوظيفه في خدمة مشاريع استعمارية مدمرة تحت عنوان الدين..لذلك لم ولن يكفوا عن تكثيف مؤامراتهم لإسقاط رمزيته الوطنية والعالمية، فهو قائد ورئيس لشعب مناضل ملتزم بالشرعية الدولية وقوانينها ومواثيقها، ومنع إلصاق تهمة الإرهاب بكفاح الشعب الفلسطيني، ولأنه انتصر للرواية الفلسطينية التاريخية والحديثة، وشواهدها الحضارية، والمدونة في الكتب المقدسة، لأنه كشف عن ازدواجية معاييرهم للديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، وصد مؤامراتهم لاستلاب الحق الفلسطيني وتحويله إلى مشكلة اقتصادية كما أراد بلفور الثاني ترامب بخطة (صفقة القرن) !.
كتب الرئيس الإنسان الدكتور محمود عباس أبو مازن للتاريخ عشرات الكتب، منشورة في مكتبات عربية وعالمية ومترجم بعضها إلى لغات عديدة مثل: “الصهيونية بداية ونهاية “، “اللاجئون الفلسطينييون اليهود”، “الاستقطاب العرقي والديني في إسرائيل”، “مطلوب كيرن هايسود عربي”، “قطرة الشر إسرائيل طريق الإمبريالية الى العالم “، “طريق أوسلو”، “بعضا من الحقيقة “، و”الحركة الصهيونية في أدبيات لينين “وها نحن نتحداهم، ومعهم “كتبتهم الصغار”المدافعون في بيانهم (العار) عن كذبتهم التاريخية التي كلفت العالم حروبا وملايين الضحايا أن يقدموا لنا جملة واحدة من أكثر من عشرين كتابا للرئيس تتضمن وصفا سلبيا لليهودية كعقيدة، ونتحداهم إثبات براءة المنظمة الصهيونية من أعمال اقتلاع مواطنين ينتمون لشعوب وجنسيات عربية وأجنبية من أوطانهم الأصلية، وتهجيرهم إلى فلسطين، بعد سلسلة عمليات إرهابية إجرامية دموية أخضعتهم للرعب والخوف، خططت لها المنظمة الصهيونية، ونفذتها في بلدان عربية وأجنبية، وباتت جزءا مهما من الحقيقة بعد رفع السرية عنها