النكبة.. يوم صار المستحيل اسما لنا!
بقلم: موفق مطر
معنى النكبة: بقاء لاجئ فلسطيني، أراد العودة الى بيته وأرضه ودياره وقريته ومدينته حيث كان، وكان ابواه، وكان أجداده منذ الأزل، لكن منظومة احتلال واستعمار استيطاني وعنصرية صهيونية، وألا يدرك الدعاة والمبشرون بالحرية والعدالة والحقوق، والقوانين الدولية والانسانية في العالم، أن الظلم قد أنشأ دولة، لُقِبَت “اسرائيل ” منذ 76 سنة! يوم اعتبرت جريمة اغتصاب ثقافة الأمم نصرا واستقلالا، ويوم وئدت مبادئ وقيم وأخلاقيات الانسانية، ودفنت معها مستلزماتها من التشريعات والقوانين الدولية، هو ذات يوم تفعيل اعصار المشروع “الاستعماري- الصهيوني” ليعصف بمصير وحقوق ووجود الشعب الفلسطيني وبمستقبله على ارض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين.
النكبة في اعتقاد الظالمين المحتلين والمستعمرين بأن أرض فلسطين لا تعرف اصحابها الأصليين، فالأرض كالأم الوالدة، تملك مفاتيح وأسرار معرفة ولدها (ابنها) من بين ملايين أبناء آدم.. والنكبة أيضا نكران الظالم أن للأرض ذاكرة لا تمحى، وجهله الفرق بين ذاكرة (الحق الأزلي) وذكريات العابرين التائهين!
النكبة ليست فينا، وإنما بمستعمرين يدعون بلوغهم سدة المعرفة والعلوم والعمران والحضارة، لكنهم لم يقصدوا فك (كلمة سر) تجذر البدوي بصحرائه، والأمازوني بأدغاله، والفلاح بحقله، رغم رفاهية المدائن، وبريق المجوهرات، لأنهم يخشون – لو فعلوا – لعم السلام الأرض، ووفروا الحروب والمجازر وسفك الدماء، وإبادة شعوب، ومكان مصطلح (اللاجئ) اصلا في قاموس العلوم السياسية والانسانية.. فالوطن ليس خيارا، وإنما المادة اللازمة للحياة، وللقيامة من بعد موت!
فالنكبة هي انقلاب مظلوم على انسانيته، وترسيخه سادية الظالم، ومستعمر محتل عنصري ظالم، يلمس مآسي اللاجئ، لكنه ينكر حق العودة، تماما كمن يريد لأجساد أبناء آدم ان تتحرك بلا أرواح.. وهو يعلم يقينا أن الوطن روحه، وان في عودته المعنى الحقيقي الحياة، فحق العودة للوطن كالحق بالحياة.. وعليه سيبقى الفلسطيني اللاجئ شاهرا مفتاح باب داره ما بين الجليل والنقب وفي عكا وحيفا ويافا وصفد والقدس، وفي كل مكان من فلسطين حتى تبلغ الانسانية سدة الأخلاق والعدل.
غفل الظالمون ان جذور الشعب فلسطين في ارض وطنه ضاربة في عمق الوجود الانساني في الدنيا، وممتدة باسترسال حتى بلغت ابعد الحضارات والثقافات الانسانية في الأرض والسماء، وغفلوا عن الحقيقة المعلومة بأن الغدر بقيم الانسان، ونحت أصنام الباطل من رخام الحق، وإحراق صحف العدل، وتسيد سوط الظلم ، وبناء عرش للشيطان بالاحتلال والاستيطان هو المعنى الحقيقي للتيه والهلاك!
تحصن الشعب الفلسطيني بجذوره الحضارية الحية أبدا، فلم تنل النكبة من هويته وثقافته وإرادته، ولم يدفعه اعصار وتيار مؤامرة دولية استعمارية كبرى الى المتاهات! ولم تستطع استبدال ذاكرة الفلسطيني الطبيعية بأخرى صناعية، فبقيت الشخصية الفردية بمثابة الحارس الأمين على الحق ألأزلي، حتى صار كل فلسطيني وارثا ومورثا ومبدعا في رسم الخريطة الجينية للوطن !.. منذ فجر التاريخ وقبل بناء سفينة نوح، حتى عندما انكسرت بعض فروع شجرتنا، بقيت جذورنا هنا، حتى اصبح المستحيل اسما لنا.. فهنا كنا وهنا باقون وهنا سنكون.