أقلام وأراء

نتنياهو باق رغم القرار

بقلم: عمر حلمي الغول

مما لاشك فيه، أن قرار المحكمة العليا في إسرائيل أول أمس الثلاثاء 25 يونيو الحالي بتجنيد اليهود المتشددين الحريديم في الجيش، الذي صادق عليه جميع القضاة الـ9 شكل حالة جدل وردود فعل واسعة داخل الساحة الإسرائيلية بين مؤيد ومعارض للقرار، وأبدى رئيس حكومة الحرب التزامه أمام القضاة بالقرار. رغم المناورات طيلة السنوات الماضية من 2015 حتى الان للالتفاف على صدور قرار التجنيد الالزامي للطلاب الحريديم لحسابات شخصية، وحرصا على ائتلافه الحاكم، ومؤكد سلفا انه سيعمل على تطبيق القرار بصيغة مخففة بتجنيد 3000 طالب من أصل 63 الفا تم اعفاؤهم حتى نهاية يونيو الحالي.  

وجاء في قرار المحكمة إن “عبء عدم المساواة أصبح أكثر حدة من أي وقت مضى”.

وكتب رئيس المحكمة العليا، عوزي فوغلمان أنه “يجب على الدولة أن تعمل على تطبيق أحكام قانون الخدمة العسكرية على طلاب المدارس الدينية”. مؤكدا أن “السلطة التنفيذية لا تملك صلاحية الامر بعدم تطبيق قانون الخدمة على الطلاب في غياب إطار تشريعي مناسب”.

وفي اعقاب صدور قرار المحكمة العليا، الذي أصبح قانونا، وشكل ارباكا داخل الائتلاف الحاكم، ظهرت مباشرة تباينات بين القوى المختلفة، فاعتبر زعيم المعارضة يئير لبيد أن عدم تطبيق قرار المحكمة العليا بتجنيد المتدينين اليهود “خيانة للجيش”. وقال افيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” إن قرار المحكمة يمثل خطوة مهمة على طريق التغيير التاريخي”. وعلى صعيد آخر، قال زعيم حزب شاس الحاخام ارييه درعي إنه لا توجد قوة في العالم ستمنع شعب إسرائيل من دراسة التوراة، ومن حاول ذلك في الماضي فقد فشل فشلا ذريعا. ومن جانبه شن الزعيم الليتواني الحاخام يوف لاندو هجوما حادا على المحكمة العليا خلال حفل غداء لجمع التبرعات للمدارس الدينية في مدينة منهاتن بولاية نيويورك وفقا للقناة 12 الإسرائيلية “لقد جئنا من أرض إسرائيل، ووضع طلاب التوراة هناك فظيع، الأشرار هناك والسلطات استولوا على الميزانيات، التي كانت تذهب للمدارس والمعاهد الدينية، وهم في وضع ليس لديهم إمكانية للاستمرار، وقد تم اغلاق بعض الكليات بالفعل، وذلك بسبب شرور السلطات”. وفي السياق قال الوزير الإسرائيلي من “حزب يهوديت هتوراة” مئير بروش إن فرض التجنيد الاجباري على الحريديم سيؤدي لتقسيم الدولة الى دولتين، دولة علمانية ودولة دينية، مشيرا الى انه لا توجد قوة تستطيع منع شخص من دراسة التوراة.

وأفادت القناة 11 ليل الثلاثاء، بأن حزب شاس ويهوديت هتوراة يدرسان الاستقالة من الحكومة، ودعمها من الخارج عند الحاجة، وذلك في اعقاب صدور قرار المحكمة العليا. ولكن لا ينويان حل الكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة. لاعتقادهما بأنه لا يوجد حكومة يمكنها أن تمرر القوانين التي يهتمان بها، أفضل من الحكومة الحالية.

مما ورد أعلاه وغيره من ردود فعل داخل المشهد الإسرائيلي، الذي شكل صدمة متوقعة للائتلاف الحاكم، لا يبدو ان الأمور تتجه لإسقاط الحكومة، وحل الكنسيت، ليس فقط لان الحكومة الحالية، هي الأفضل بالنسبة للحريديم، ولان رئيسها نتنياهو يتناغم مع اركان ائتلافه. انما لان اية انتخابات حالية في زمن حرب الإبادة قد تضعف مكانتهم في الكنيست، وتحيلهم لصفوف المعارضة، ولاعتقادهم ان رئيس الحكومة بالتعاون مع احزاب وقوى الائتلاف يستطيعون الالتفاف على قرار المحكمة العليا، وتقليل حجم الخسائر الى الحد الأدنى، وفي ذات الوقت يبقي يدهم العليا في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبالتالي سيبقى نتنياهو متسيدا على كرسي الحكم الى حين، وخلال ذلك سيمكنه ترويض قضاة المحكمة وفق مشيئته وخياراته السياسية والأمنية، الا اذا حدث امر من خارج صندوق زعيم الليكود المحسوب، ويفقده الاعيبه السحرية والبهلوانية. والأيام القادمة ستحمل الكثير من التطورات العاصفة في إسرائيل ومحيطها، وأيضا تحمل إجابات عن أسئلة التحدي التي تواجه الحاكم بأمره.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى