الأهم.. تسهيل الانسحاب
بقلم: عمر حلمي الغول
مجدّدًا أعود لأكاذيب الحكومة الإسرائيلية بشأن “المساعدات والتسهيلات”، التي تدعي أنها تريد تقديمها للسلطة الفلسطينية في اجتماع الكابينيت المصغر اليوم الأحد الموافق التاسع من يوليو، بذريعتها الكاذبة التي تروجها وضع السلطة وانهيارها المحتمل، وفق ما نقلت القناة الإسرائيلية ال13 عن مصادر أمنية يوم الجمعة الموافق السابع من يوليو الحالي.
وتضمن تقرير القناة العبرية في نشرتها المسائية اول امس، ان الحكومة تعتزم تقديم تسهيلات مدنية واقتصادية للسلطة الفلسطينية، ومن العناوين الشكلية المقترحة، أو كان اتفق عليها، منها أولا إزالة العوائق التي تمنع إقامة المنطقة الصناعية في ترقوميا. رغم وجود اتفاق مبدئي فلسطيني تركي إسرائيلي على ذلك عام 2007؛ ثانيا كما سيناقش الكابينت تطوير حقل الغاز قبالة ساحل قطاع غزة المعروف ب”مارين غزة”؛ ثالثا زيادة ساعات عمل معبر الكرامة – جسر الملك حسين؛ رابعا زيادة أقساط الديون (توزيعها على فترة أطول)، وإصدار جوازات سفر بيومترية، وغيرها من التفاصيل غير ذات الأهمية.
وتجاهل التقرير والقيادة الإسرائيلية عن سابق تصميم وإصرار، اهم تسهيل لحياة أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وهو أولا الالتزام بخيار السلام الممكن والمقبول، المرتكز على البعدين الأساسيين السياسي والقانوني لمسألة الصراع؛ ثانيا الانسحاب الكامل واللامشروط من أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الخامس من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية؛ ثالثا إزالة كل المستعمرات الإسرائيلية من أراضي الدولة الفلسطينية؛ رابعا تسليم المعابر والحدود لأجهزة الامن الفلسطينية والسلطات المدنية ذات الصلة بشكل كلي بما في ذلك الاغوار؛ خامسا استعادة سيطرة البحرية الفلسطينية السيادة الكاملة على المياه الإقليمية دون منازع؛ سادسا تحرير الإرادة الفلسطينية من اية قيود استعمارية إسرائيلية لتتمكن القيادة من التقرير بارادتها ووفق معاييرها الاقتصادية والمالية والأمنية .. الخ
اما ما عرضه تقرير القناة ال13 عن المصادر الأمنية الإسرائيلية، فهو 1- لا يمت للتسهيلات والمساعدات بصلة. لان هدفها الأساس، حرف بوصلة النقاش عن الملف السياسي القانوني، وحصر الامر فيما يسمى “الحل الاقتصادي” التسهيلات الحياتية. وهذا يطيل امد الصراع، ويبقيه عرضة للتفجير بشكل دائم؛ 2- مواصلة سياسة التضليل والكذب على الرأي العام الإسرائيلي والفلسطيني والعالمي، وحصره في التفاصيل الفلسطينية؛ 3- تتحدث حكومة الترويكا الفاشية عن تسهيلات، لا تمت بصلة للتسهيلات، فالاموال المقرصنة والمنهوبة، هي أموال المقاصة الفلسطينية، التي تأخذ عليها إسرائيل ضريبة 3%، وحقل غاز “مارين غزة”، هو حقل خاص بفلسطين وضمن نطاق مساحة المياه الممنوحة للفلسطينيين من قبل إسرائيل، ومع ذلك إسرائيل لا تسمح بحرية التصرف فيها لا من حيث الصيد، ولا من حيث التنقيب، ولا من حيث الاستغلال السياحي، ولا حتى السماح بإقامة ميناء وفق المعايير الدولية. ونفس الشيء ينطبق على المعابر الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل دون وجه حق؛ 4- واما بطاقات VIP وجوازات البيومترية، تستطيع الدولة الفلسطينية أن تصدر بطاقاتها وفق معاييرها هي، وليس وفق معايير إسرائيل. كما ان الجوازات البيومترية تم إصدارها، وبدأ العمل فيها على المعابر الفلسطينية المسيطر عليها من قبل إسرائيل من بداية العام؛ 5- ثم عن اية تسهيلات تتحدث حكومة نتنياهو السادسة وهي تقوم على مدار الساعة بعمليات الاغتيال والاعتقال والمصادرة والتهويد وإعلان آلاف العطاءات لبناء الوحدات الاستيطانية، وتهدم عن سابق عمد وإصرار مكانة السلطة، وتعمل بشكل منهجي على تقويض دورها وهيبتها امام أبناء الشعب من خلال اقتحاماتها وكل جرائم حربها اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وترفض الاعتراف من حيث المبدأ بحق الشعب في تقرير مصيره على ارض وطنه الام.
مجرد وجود الاستعمار الإسرائيلي على ارض الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، هو هدم للسلطة والكيانية الفلسطينية، وشل للحياة الآدمية، وضرب الاقتصاد الوطني، ونهب ثروات الشعب في الاغوار وفوق وتحت الارض، تنهب مياهنا الجوفية وتبيعنا جزءا منها باغلى الأسعار، وشواطئنا على البحرين المتوسط والأحمر وبحرنا الميت تستثمرها، وتحول دون وجودنا عليه، وسلتنا الغذائية تنهبها على مرآى ومسمع من العالم وغيرها الكثير الكثير من الكوابح والجرائم وعمليات القهر والخنق والقتل والاستعباد والظلم، وحتى مساجدنا الإسلامية وكنائسنا المسيحية تحرمنا من أداء فروض العبادات فيها، وتحول دون استثمار السياحة الدينية، ولا يوجد مجال لا تمنعنا حكومات إسرائيل المتعاقبة من التصرف به وفق رؤيتنا وخياراتنا وبرامجنا الاقتصادية والبيئية والثقافية، وحدث ولا حرج عن الاعتقالات والاعدامات للأطفال والنساء والشيوخ، وصب الزيت على النيران المتقدة تحت وفوق الجمر. وعليه اخرجوا من ديارنا من اجل السلام الممكن والمقبول، هو افضل واعظم تسهيل ومساعدة لنا ولكم وللعالم اجمع. غير ذلك يبقى في دائرة الأكاذيب والتضليل.